اقرا ايضا
مدخل القسط «حق النفس: الصبر واليقين» (منار التربية الإسلامية)
الوضعية المشكلة:
كان سيدنا يعقوب عليه السلام نبيا من أنبياء بني إسرائيل، وكان يحب ولده يوسف عليه السلام حبا شديدا، لذلك أضمر أبناؤه الشر ليوسف عليه السلام وكادوا له فألقوه في غيابات الجب لقتله، فانتهى به الحال بعيدا عن أهله ووطنه، لكن سيدنا يعقوب عليه السلام صبر على فراق يوسف عليه السلام، كما صبر على فراق أخيه الأصغر من بعده، لأنه كان على يقين بأنه سوف يراه ويلتقيه مجددا وتتحقق رؤياه، لذلك ظل يحث أبناءه على تحسس خبر يوسف عليه السلام وأخيه بنيامين إلى أن تحقق له وعد الله تعالى.
- فكيف نتحلى بالصبر في زمننا هذا؟
- وكيف تطمئن قلوبنا باليقين بوعد الله تعالى؟
النصوص المؤطرة للدرس:
النص الأول:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
[سورة يوسف، الآية: 83]
النص الثاني:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾.
[سورة السجدة، الآية: 24]
النص الثالث:
عَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ».
[رواه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب: الزهد والرقائق]
قراءة النصوص ودراستها:
I – توثيق النصوص والتعريف بها:
1 – التعريف بسورة السجدة:
سورة السجدة: مكية، ماعدا من الآيتان 16، 20 فمدنيتان، عدد آياتها 30 آية، ترتيبها 32 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة المؤمنون”، سميت بهذا الاسم لما ذكر تعالى فيها من أوصاف المؤمنين الأبرار الذين إذا سمعوا آيات القران العظيم خروا سجدا، وهي تعالج أصول العقيدة الإسلامية، لكن المحور الذي تدور حوله السورة الكريمة هو موضوع البعث بعد الفناء، الذي طالما جادل المشركون حوله واتخذوه ذريعة لتكذيب الرسول ﷺ.
2 – التعريف بصهيب بن سنان:
صهيب بن سنان: هو صهيب بن سنان بن مالك بن عبد عمرو، ويعرف بالرومي لأنه أقام في الروم مدة، صحابي جليل، وأحد السابقين إلى الإسلام، ومن المستضعفين في مكة الذين عُذّبوا ليتركوا دين الإسلام، ترك صهيب كل ماله ليهاجر إلى المدينة المنورة ويلحق بالنبي ﷺ، وقد شارك معه في غزواته كلها، ولما طُعن عمر بن الخطاب، أمر صهيب أن يصلي بالمسلمين إلى أن يختار أهل الشورى الخليفة الجديد، ولما قُتل عثمان، اعتزل صهيب الفتنة إلى أن تُوفي في المدينة المنورة سنة 38 هـ.
II – نشاط الفهم وشرح المفردات:
1 – شرح المفردات والعبارات:
- سولت: زينت وسهلت.
- صبر: حسن تحمل الشدائد.
- أئمة: من يقتدى بهم.
- يهدون: يرشدون إلى الإيمان.
2 – مضامين النصوص الأساسية:
- اتصاف سيدنا يعقوب عليه السلام بالصبر والاستعانة بالله لما ابتلي بفقد ابنه يوسف.
- الصبر واليقين من أسس استحقاق الإمامة في الدين.
- أمر المؤمن كله خير إذا شكر في السراء، وصبر في الضراء، لأنه يكسب الأجر في الحالتي
I – الصبر: أنواعه وتجلياته:
1 – مفهوم الصبر:
الصبر: لغة: التحمل والثبات، واصطلاحا: هو قدرة الإنسان على تحمل المصاعب والابتلاءات على اختلاف أنواعها، سواء كانت في الجسد أو في الطاعات أو غيرها من أمور الدنيا الزائلة، والقدرة على ضبط النفس عن القيام بالمعاصي والفواحش ما بطن منها وما ظهر.
2 – أنواع الصبر وتجلياته:
الصبر على ثلاثة أنواع:
- الصبر على طاعة الله: بالامتثال لأوامره كأداء الصلاة في وقتها …
- الصبر على معصية الله: باجتناب نواهيه كالانتهاء عن الغيبة والغش …
- الصبر على ابتلاء الله: وهو الصبر على قضاء الله وقدره من مرض ورسوب في الامتحان وزوال نعمة المال …
II – مفهوم اليقين وتجلياته وعلاماته:
1 – مفهوم اليقين:
اليقين: لغة: الثبات والتحقق، واصطلاحا: هو اليقين الجازم بعلم وطمأنينة واستقرار نفس، بكل ما جاء في الكتاب والسنة عن الله تعالى، يقينا يدفع المرء إلى العبودية لله تعالى مع حرص شديد على إخلاص النية له سبحانه، وإتباع ما جاء به الرسول ﷺ.
2 – تجليات اليقين:
ويتجلى في حالتين، هما:
- اليقين في خبر الله تعالى: وهو الإيمان بيقين بكل ما جاء به الشرع من أمور الغيب.
- اليقين في أمر الله تعالى: وهو المطلوب من العبد فعله، كيقين سيدنا يعقوب عليه السلام برد ابنيه يوسف وبنيامين إليه، لقوله تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، ويقين الرسول ﷺ بدخوله إلى مكة فاتحا، لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾.