اقرا ايضا
مدخل الاستجابة «فقه الأسرة: الزواج (الأحكام والمقاصد)» (منار التربية الإسلامية)
الوضعية المشكلة:
من الملاحظ انتشار ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج لأسباب متعددة فكرية واجتماعية واقتصادية، أدى هذا إلى انتشار العنوسة والرذيلة في مجتمعاتنا، في ظل البعد عن المقاصد الأسرة.
- فكيف يمكن تجاوز هذه الظاهرة؟
- وما حقيقة الزواج في الإسلام أحكاما ومقاصد؟
النصوص المؤطرة للدرس:
النص الأول:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
[سورة يوسف، الآية: 21]
النص الثاني:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
[سورة الروم، الآية: 20]
النص الثالث:
عَنْ عَبْدُ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
[صحيح البخاري، كتاب: النكاح]
قراءة النصوص ودراستها:
I – توثيق النصوص والتعريف بها:
1 – التعريف بسورة الروم:
سورة الروم: مكية، ماعدا الآية 17 فمدنية، عدد آياتها 60 آية، ترتيبها 30 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة الانشقاق”، وقد سميت بهذا الاسم لذكر تلك المعجزة الباهرة التي تدل على صدق أنباء القرآن الكريم (هزيمة الروم)، وهي تعالج قضايا العقيدة الإسلامية في إطارها العام.
2 – التعريف بعبد الله بن مسعود:
عبد الله بن مسعود: أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهُذلي، حليف بني زهرة، صحابي جليل، وفقيه الأمة، وأحد الأوائل المهاجرين، حيث هاجر الهجرتين وصلى على القبلتين، وأول من جهر بقراءة القرآن، تولى قضاء الكوفة وبيت المال في خلافة عمر وصدر من خلافة عثمان، توفي سنة 32 هـ.
II – نشاط الفهم وشرح المفردات:
1 – شرح المفردات والعبارات:
- الذي اشتراه: عزيز مصر.
- أكرمي مثواه: أحسني معاملته.
- من آياته: جمع آية، علامة دليل.
- لتسكنوا: سكون القلب والبال والاستقرار.
- مودة: تدل على المحبة، ووددته: أحببته.
- الباءة: القدرة على تحمل مسؤولية الزواج.
- وجاء: كاسر الشهوة وقاطعها.
2 – مضامين النصوص الأساسية:
- طلب عزيز مصر من زوجته الاعتناء بسيدنا يوسف والإحسان إليه، رجاء الانتفاع به أو اتخاذه ولدا.
- الزواج آية من آيات الله تعالى، من أهم مقوماته المودة والرحمة والاستقرار.
- حثه ﷺ الشباب على الزواج، وإرشادهم إلى الصيام في حالة عدم القدرة عليه تجنبا للوقوع في الحرام.
I – مفهوم الأسرة ومكانتها ووظيفتها في الإسلام:
1 – مفهوم الأسرة:
الأسرة: لغة: الدرع الحصينة التي يحتمي بها المحارب من ضربات العدو، وأهل الرجل وعشيرته الأقربون، وسموا بذلك لقوة الرباط الذي يربطهم ويوفر لهم الحماية والمنعة، واصطلاحا: هي الوحدة الاجتماعية التي تتكون من الزوج والزوجة والأبناء، والتي تحكمها مجموعة من الحقوق والواجبات، وهي الشكل الاجتماعي الشرعي المعترف به شرعا لإنجاب الأبناء.
2 – مكانة الأسرة في الإسلام:
الأسرة أساس بناء المجتمع ونواة تكوينه، والإسلام يحرص على أن تكون الأسرة سليمة قوية تسهم في بناء المجتمع السليم، ولذلك ينبغي أن تكون العلاقة بين أفراد الأسرة قائمة على المحبة والتعاون والتراحم. والأسرة إذا سادتها المودة والرحمة سكن كل فرد من أفرادها إلى الآخر، واطمأنت نفسه إليه، وعاشت الأسرة حياتها في سعادة وطمأنينة وهدوء.
3 – وظيفة الأسرة في المجتمع:
- وظيفة بيولوجية: هذه الوظيفة تقتصر على إنجاب الأطفال وتنظيم النسل.
- وظيفة نفسية: تبث في أفراد الأسرة الراحة النفسية والإحساس بالأمان والاستقرار الاجتماعي، كما تكون فيهم الشخصية المتزنة والثقة بالنفس والقدرة على حل المشاكل.
- وظيفة اجتماعية: تتمثل في تعليم الأولاد ثقافة التعامل مع الآخرين، والتواصل السليم، وقيم التعاون والتعارف والتعايش.
- وظيفة تربوية: التنشئة على الأخلاق والفضائل الإسلامية، وترسيخ القيم والعادات الاجتماعية الحميدة.
II – الزواج في الإسلام:
1 – مفهوم الزواج:
الزواج: ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وإمرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف، وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين «مدونة الأسرة المادة: 4».
2 – حكم الزواج:
الأصل في الزواج الاستحباب في حق كل قادر عليه، وقد تعتريه بقية الأحكام الأخرى حسب الحالات، كالوجوب لمن خاف على نفسه الوقوع في الزنا، والتحريم لمن لا قدرة له عليه ماديا أو معنويا، والإباحة لمن لا يخاف الوقوع في الحرام ولا يرجو ولدا، والكراهة لمن لا رغبة له فيه أو أنه سيشغله عن بعض الواجبات الشرعية.
3 – أركان الزواج:
- الزوجان: طرفا العقد (الزوج والزوجة).
- الصيغة: وهي كل ما يفيد الإيجاب والقبول والرضا بالزواج من الطرفين.
- المهر: ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في الزواج بها،
- الإشهاد: ما يتولاه العدلان المتلقيان للإشهاد.
4 – شروط الزواج:
- الأهلية: أن يكون الزوجان عاقلين بالغين سن الزواج.
- عدم إسقاط الصداق: لا يجوز الاتفاق على إسقاطه، كما يجب التصريح به في عقد الزواج.
- موافقة النائب الشرعي: إذا كان أحد الزوجين قاصرا.
- سماع العدلين: إثبات الإيجاب والقبول في وثيقة عقد الزواج.
- انتفاء الموانع الشرعية: أن تكون الزوجة غير محرمة على من يريد أن يتزوجها.
III – مقاصد الزواج في الإسلام:
- الاستجابة للميل الفطري والغريزي للزوجين إلى بعضهما البعض.
- تحقيق السكن الروحي والمودة والرحمة بين الزوجين.
- بقاء النوع الإنساني على وجه سليم، لأن النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان.
- تحقيق الإحصان والعفاف، وصيانة المجتمع من الفواحش.
- حفظ الأعراض والأنساب من الاختلاط، والسمو بالعلاقة بين الجنسين عن المرتبة الحيوانية.
- إنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين والسهر على تربيتها وتنشئتها لتكثير سواد الأمة.